الحديث 60 من بهجة قلوب الأبرار
الحديث الستون: من آداب
الذبح في الإسلام.
عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ:
"قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا
لاَقُوا العدوِّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدَى[1].
أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟"
قَالَ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ[2]،
وذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فكُلْ. لَيْسَ السنَّ والظُّفُرَ[3]،
وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْهُ أَمَّا (السنُّ) فعظمٌ.
وَأَمَّا (الظُّفُرُ)[4]
فمدَى الْحَبَشَةِ».
وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ، فنَدَّ
مِنْهَا بَعِيرٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
لِهَذِهِ أوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ[5]،
فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَافْعَلُوا به هكذا». متفق عليه
تخريج الحديث :
أخرجه (البخاريّ) في "الشركة" (2488 و
2507) و"الجهاد" (3075)
و"الذبائح والصيد" (5498 و 5503 و 5506 و
5509 و 5543 و 5544)، و(مسلم) [4/ 5084 و 5085 و 5086 و 5087 و 5088]
(1968)، و (أبو داود) في "الأضاحي"
(2821)، و (الترمذيّ) في "الأحكام" (1491 و 1492)، و(النسائيّ) في
"الضحايا" (7/ 226 و 228 و 229) و"الكبرى" (3/ 64)، و (ابن ماجه)
في "الأضاحي" (3137)، و (الطيالسيّ) في "مسنده" (963)، و(عبد
الرزّاق) في "مصنّفه" (8481)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"
(5/ 387 - 388)، و (الحميديّ) في "مسنده" (411)، و (أحمد) في
"مسنده" (3/ 463 و140/ 4464 و 141 و 142)، و (الدارميّ) في
"سننه" (2/ 84)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (5886)، و (ابن
الجارود) في "المنتقى" (895)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (5/ 7
و 54 و 55)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (4/ 183)، و (الطبرانيّ)
في "الكبير" (4380 و 4381 و 4382 و 4383 و 4384 و4386 و 4387 و 4388 و
4389 و 4390 و 4391 و 4392 و 4393)، و(البيهقيّ) في "الكبير" (9/ 245 و
246 و 247)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (2782)، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
صحيح البخاري (7/ 91) (رقم : 5498): عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ:
كُنَّا
مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ
النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا القُدُورَ،
فَدُفِعَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ
بِالقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الغَنَمِ
بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَكَانَ فِي القَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ،
فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ
اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِهَذِهِ
البَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ مِنْهَا
فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» قَالَ: وَقَالَ جَدِّي: إِنَّا لَنَرْجُو، أَوْ
نَخَافُ، أَنْ نَلْقَى العَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ
بِالقَصَبِ؟ فَقَالَ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ
اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُخْبِرُكُمْ
عَنْهُ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ»
بهجة
قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (ص: 125) قوله
_صلى الله عليه وسلم_: «ما أنهر الدم» . . . إلى آخره، كلام جامع يدخل فيه جميعُ
ما يُنْهِرُ الدَّمَ - أي: يَسْفِكُهُ - من حديدٍ، أو نُحاسٍ، أو صُفْرٍ، أو قَصَبٍ، أو خَشَبٍ، أو حَطَبٍ، أو حَصًى
محدد أو غيرها، وما له نفوذ كالرصاص في البارود؛ لأنه ينهر بنفوذه، لا بثقله.____ ودخل في ذلك: ما صِيْدَ بالسهام، والكلاب
المعلمة، والطيور إذا ذكر اسم الله على جميع
ذلك. وأما محل الذبح، فإنه الحلقوم والمريء، إذا
قطعهما كفى. فإن حصل معهما قطع الودجين - وهما العرقان المكتنفان الحلقوم - كان
أولى. وأما الصيد، فيكفي جرحه في أي موضع كان من بدنه ;
للحاجة إلى ذلك. ومثل
ذلك إذا ند البعير أو البقرة أو الشاة، وعجز عن إدراكه، فإنه يكون بمنزلة الصيد،
كما في الحديث. ففي أي محل من بدنه جرح كفى، كما أن الصيد إذا قدر عليه - وهو حي
- فلا بد من ذكاته. فالحكم يدور مع علته، المعجوز عنه
بمنزلة الصيد، ولو من الحيوانات الإنسية. والمقدور عليه لا بد من ذبحه، ولو من
الحيوانات الوحشية. واستثنى النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك : السن،
وعلله بأنه عظم. فدل على أن جميع العظام - وإن أنهرت الدم - لا يحل الذبح بها. وقيل:
إن العلة مجموع الأمرين: كونه سنا، وكونه عظما، فيختص بالسن. والصحيح الأول.
وكذلك الظفر لا يحل الذبح به، لا طير ولا غيره. فالحاصل:
أن شروط الذبح: *
إنهار الدم في محل الذبح، *
مع كون الذابح مسلما، أو كتابيا، *
وأن يذكر اسم الله عليها. وأما الصيد، فهو أوسع من الذبح. كما تقدم
أنه في أي موضع يكون من بدن الصيد، وأنه يباح صيد الجوارح من الطيور والكلاب إذا
كانت معلمة، وذكر اسم الله عليها عند إرسالها على الصيد. والله أعلم. |
من فوائد الحديث:
كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 184)
قَوْله: " أما السن فَعظم " يدل على أَنه
قد كَانَ متقررا فِي عرفهم أَلا يذبحوا بِعظم، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يقطع
الْعُرُوق كَمَا يَنْبَغِي. وَأما الْحَبَشَة فقد جرت عَادَتهم بِاسْتِعْمَال
الْأَظْفَار مَكَان المدى فتنزهق النَّفس خنقا لَا ذبحا.
فتح الباري لابن حجر (9/ 628)
وَقَالَ بن الصّلاح فِي___"مُشْكِلِ
الْوَسِيطِ":
"هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ _عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ_ كَانَ قَدْ قَرَّرَ كَوْنَ الذَّكَاةِ لَا تَحْصُلُ
بِالْعَظْمِ، فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ «فَعَظْمٌ»."
قَالَ : "وَلَمْ أَرَ بَعْدَ الْبَحْثِ مِنْ
نَقْلٍ لِلْمَنْعِ مِنَ الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ مَعْنًى
يُعْقَلُ"، وَكَذَا وَقع فِي كَلَام بن عَبْدِ السَّلَامِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثَ (لَا
تَذْبَحُوا بِالْعِظَامِ فَإِنَّهَا تُنَجَّسُ بِالدَّمِ، وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ
عَنْ تَنْجِيسِهَا، لِأَنَّهَا زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ)[6]
اهـ
وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَا يُقَالُ كَانَ يُمْكِنُ
تَطْهِيرُهَا بَعْدَ الذَّبْحِ بِهَا لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا كَذَلِكَ
وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ فِي الْمُشْكِلِ
هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذَّبْحَ بِالْعَظْمِ كَانَ مَعْهُودًا عِنْدَهُمْ
أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَقَرَّرَهُمُ الشَّارِعُ عَلَى ذَلِكَ وَأَشَارَ إِلَيْهِ
هُنَا قُلْتُ وَسَأَذْكُرُ بَعْدَ بَابَيْنِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مَا يَصْلُحُ
أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدًا لِذَلِكَ إِنْ ثَبَتَ." اهـ
فتح الباري لابن حجر (9/ 627)
وَفِيهِ جَوَازُ أَكْلِ مَا رُمِيَ بِالسَّهْمِ
فَجُرِحَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ جَسَدِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ
وَحْشِيًّا أَوْ مُتَوَحِّشًا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ
أَبْوَاب."
فتح الباري لابن حجر (9/ 629)
وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا
تَقَدَّمَ :
* تَحْرِيمُ التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ
الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، وَلَوْ قُلْتَ: وَلَوْ وَقَعَ الِاحْتِيَاجُ
إِلَيْهَا
* وَفِيهِ انْقِيَادُ الصَّحَابَةِ لِأَمْرِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فِي تَرْكِ مَا بِهِمْ
إِلَيْهِ الْحَاجَةُ الشَّدِيدَةُ
* وَفِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ عُقُوبَةَ
الرَّعِيَّةِ بِمَا فِيهِ إِتْلَافُ مَنْفَعَةٍ وَنَحْوِهَا إِذَا غَلَبَتِ
الْمَصْلَحَةُ الشَّرْعِيَّةُ
* وَأَنَّ قِسْمَةَ الْغَنِيمَةِ يَجُوزُ فِيهَا
التَّعْدِيلُ وَالتَّقْوِيمُ، وَلَا يُشْتَرَطُ قِسْمَةُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهَا
عَلَى حِدَةٍ
* وَأَنَّ مَا تَوَحَّشَ مِنَ الْمُسْتَأْنَسِ
يُعْطَى حُكْمُ الْمُتَوَحِّشِ وَبِالْعَكْسِ
* وَجَوَازُ الذَّبْحِ بِمَا يُحَصِّلُ
الْمَقْصُودَ سَوَاءٌ كَانَ حَدِيدًا أَمْ لَا
* وَجَوَازُ عَقْرِ الْحَيَوَانِ النَّادِّ لِمَنْ
عَجَزَ عَنْ ذَبْحِهِ كَالصَّيْدِ الْبَرِّيِّ وَالْمُتَوَحِّشِ مِنَ الْإِنْسِيِّ
وَيَكُونُ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ مَذْبَحًا فَإِذَا أُصِيبَ فَمَاتَ مِنَ
الْإِصَابَةِ حَلَّ أَمَّا الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ فَلَا يُبَاحُ إِلَّا
بِالذَّبْحِ أَوِ النَّحْرِ إِجْمَاعًا
* وَفِيهِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ
الْمَيْتَةِ لِبَقَاءِ دَمِهَا فِيهَا،
* وَفِيهِ مَنْعُ الذَّبْحِ بِالسِّنِّ وَالظُّفُرِ
مُتَّصِلًا كَانَ أَوْ مُنْفَصِلًا طَاهِرًا كَانَ أَوْ مُتَنَجِّسًا>
وَفَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ السِّنِّ
وَالظُّفُرِ الْمُتَّصِلَيْنِ فَخَصُّوا الْمَنْعَ بِهِمَا وَأَجَازُوهُ
بِالْمُنْفَصِلَيْنِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ الْمُتَّصِلَ يَصِيرُ فِي مَعْنَى
الْخَنْقِ وَالْمُنْفَصِلُ فِي مَعْنَى الْحجر وَجزم بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِحَمْلِ
الْحَدِيثِ عَلَى الْمُتَّصِلَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَاسْتَدَلَّ بِهِ قَوْمٌ عَلَى
مَنْعِ الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ
فَعُلِّلَ مَنْعُ الذَّبْحِ بِهِ لِكَوْنِهِ عَظْمًا وَالْحُكْمُ يَعُمُّ
بِعُمُومِ عِلَّتِهِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُ
رِوَايَاتٍ ثَالِثُهَا يَجُوزُ بِالْعَظْمِ دُونَ السِّنِّ مُطْلَقًا رَابِعُهَا
يَجُوزُ بِهِمَا مُطْلَقًا حَكَاهَا بن الْمُنْذِرِ وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ
الْجَوَازَ مُطْلَقًا عَنْ قَوْمٍ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ
بْنِ حَاتِمٍ أَمِرَّ الدَّمَ بِمَا شِئْتَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ لَكِنْ
عُمُومُهُ مَخْصُوصٌ بِالنَّهْيِ الْوَارِدِ صَحِيحًا فِي حَدِيثِ رَافِعٍ عَمَلًا
بِالْحَدِيثَيْنِ وَسَلَكَ الطَّحَاوِيُّ طَرِيقًا آخَرَ فَاحْتَجَّ لِمَذْهَبِهِ
بِعُمُومِ حَدِيثِ عَدِيٍّ قَالَ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي حَدِيثِ رَافِعٍ يَقْتَضِي
تَخْصِيصَ هَذَا الْعُمُومِ لَكِنَّهُ فِي الْمَنْزُوعِينَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَفِي
غير___الْمَنْزُوعِينَ مُحَقَّقٌ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ وَأَيْضًا فَالذَّبْحُ
بِالْمُتَّصِلِينَ يُشْبِهُ الْخَنْقَ وَبِالْمَنْزُوعِينَ يُشْبِهُ الْآلَةَ
الْمُسْتَقِلَّةَ من حجر وخشب وَالله أعلم
البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن
الحجاج (33/ 404)
وفيه اشتراط التسمية؛ لأنه عَلّق الإذن بمجموع
الأمرين: وهما الإنهار،
والتسمية، والمعلَّق على شيئين لا يُكتفَى فيه إلا
باجتماعهما، وينتفي بانتفاء
أحدهما.
البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن
الحجاج (33/ 410)
في فوائده (1):
1 - (منها): بيان أن ما توحش من المستأنِس
يُعطَى حكم المتوحش،
وبالعكس.
2 - (ومنها): جواز الذبح بما يُحَصِّل
المقصود، سواء كان حديدًا أم لا.
3 - (ومنها): جواز عقر الحيوان النادّ لمن
عجز عن ذبحه، كالصيد
البريّ، والمتوحش من الإنسيّ، ويكون جميع أجزائه
مَذْبَحًا، فإذا أصيب،
فمات من الإصابة حلّ، أما المقدور عليه فلا يباح
إلا بالذبح، أو النحر،
إجماعًا.
4 - (ومنها): التنبيه على أن تحريم الميتة؛
لبقاء دمها فيها.
5 - (ومنها): منع الذبح بالسن والظفر متصلًا
كان، أو منفصلًا، طاهرًا
كان، أو متنجسًا، وفرّق الحنفية بين السنّ والظفر
المُتَّصِلَيْن، فخصّوا المنع
بهما، وأجازوه بالمنفصلين، وفرّقوا بأن المتصل يصير
في معنى الخنق،
والمنفصل في معنى الحَجَر، وجزم ابن دقيق العيد بحمل
الحديث على
المتصلين، ثم قال: واستَدَلّ به قوم على منع الذبح
بالعظم مطلقًا؛ لقوله: "أما
السن فعظم"، فعلَّل منع الذبح به؛ لكونه
عظمًا، والحكم يعمّ بعموم علّته، وقد
جاء عن مالك في هذه المسألة أربع روايات: ثالثها:
يجوز بالعظم دون السنّ
مطلقًا، رابعها: يجوز بهما مطلقًا، حكاها ابن
المنذر، وحَكَى الطحاويّ
الجواز مطلقًا عن قوم، واحتجوا بقوله في حديث عديّ
بن حاتم: "أَمْرِ الدمَ
بما شئت"، أخرجه أبو داود، لكن عمومه مخصوص
بالنهي الوارد صحيحًا في
حديث رافع؛ عملًا بالحديثين، وسلك الطحاويّ طريقًا
آخر، فاحتج لمذهبه
بعموم حديث عديّ، قال: والاستثناء في حديث رافع
يقتضي تخصيص هذا
العموم، لكنه في المنزوعَيْن غير محقَّق، وفي غير
المنزوعين محقَّق من حيث
النظر، وأيضًا فالذبح بالمتصلين يشبه الخَنْق،
وبالمنزوعين يشبه الآلة المستقلة،
من حجر، وخشب. انتهى.
البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن
الحجاج (33/ 411)
قال الجامع عفا الله عنه: القول بمنع الذبح بالعظم
مطلقًا هو الأرجح
عندي؛ لإطلاق حديث رافع -رضي الله عنه- المذكور في
الباب، فتأمل بالإمعان، والله
تعالى أعلم.
6 - (ومنها) (1): تحريم التصرف في الأموال
المشتركة من غير إذن، ولو
قلّت، ولو وقع الاحتياج إليها.
7 - (ومنها): انقياد الصحابة -رضي الله عنهم-
لأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حتى في ترك ما بهم إليه الحاجة الشديدة.
8 - (ومنها): أن للأمام عقوبةَ الرعية بما
فيه إتلاف منفعة، ونحوها، إذا غلبت المصلحة الشرعية.
9 - (ومنها): أن قسمة الغنيمة يجوز فيها
التعديل والتقويم، ولا يشترط
قسمة كل شيء منها على حدة، ذكره في
"الفتح" (2)، والله تعالى أعلم.
[1] وفي فتح الباري لابن حجر
(9/ 628)
قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى بِضَمِّ
أَوَّلِهِ مُخَفَّفٌ مَقْصُورٌ جَمْعُ مُدْيَةٍ بِسُكُونِ الدَّالِ بَعْدَهَا
تَحْتَانِيَّةٌ وَهِيَ السِّكِّينُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَقْطَعُ مَدَى
الْحَيَوَانِ أَيْ عُمْرَهُ. وَالرَّابِطُ بَيْنَ قَوْلِهِ نَلْقَى الْعَدُوَّ
وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى :
* يَحْتَمِلُ: أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُمْ
إِذَا لَقُوُا الْعَدُوَّ صَارُوا بِصَدَدِ أَنْ يَغْنَمُوا مِنْهُمْ مَا
يَذْبَحُونَهُ،
* وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُمْ
يَحْتَاجُونَ إِلَى ذَبْحِ مَا يَأْكُلُونَهُ لِيَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَى
الْعَدُوِّ إِذَا لَقَوْهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قِسْمَةِ الْغَنَمِ
وَالْإِبِلِ بَيْنَهُمْ فَكَانَ مَعَهُمْ مَا يَذْبَحُونَهُ وَكَرِهُوا أَنْ
يَذْبَحُوا بِسُيُوفِهِمْ لِئَلَّا يَضُرَّ ذَلِكَ بِحَدِّهَا وَالْحَاجَةُ
مَاسَةٌ لَهُ فَسَأَلَ عَنِ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الذَّبْحِ غَيْرِ السِّكِّينِ
وَالسَّيْفُ وَهَذَا وَجْهُ الْحَصْرِ فِي الْمُدْيَةِ وَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِ
مَعَ إِمْكَانِ مَا فِي مَعْنَى الْمُدْيَةِ وَهُوَ السَّيْفُ وَقَدْ وَقَعَ فِي
حَدِيث غير هَذَا إِنَّكُم لاقوا الْعَدُوِّ غَدًا وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ
فَنَدَبَهُمْ إِلَى الْفِطْرِ لِيَتَقَوَّوْا
[2] وفي فتح الباري لابن حجر (9/ 628) :
"قَوْلُهُ
«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ»، أَيْ: أَسَالَهُ وَصَبَّهُ بِكَثْرَةِ شُبِّهَ بِجَرْيِ
الْمَاءِ فِي النَّهَرِ قَالَ عِيَاضٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ
بِالرَّاءِ وَذَكَرَهُ أَبُو ذَرٍّ الْخُشَنِيُّ بالزاي وَقَالَ النَّهر بِمَعْنى
الرّفْع وَهُوَ غَرِيب وَمَا مَوْصُولَةٌ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ
وَخَبَرُهَا فَكُلُوا وَالتَّقْدِيرُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ فَهُوَ حَلَالٌ
فَكُلُوا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي
إِسْحَاقَ عَنِ الثَّوْرِيِّ كُلُّ مَا أَنْهَرَ الدَّم ذَكَاة وَمَا فِي هَذَا
مَوْصُوفَةٌ." اهـ
[3] وفي فتح الباري لابن حجر (9/ 628)
"قَوْلُهُ
«لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ»، بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ بِلَيْسَ،
وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيْ لَيْسَ
السِّنُّ وَالظُّفُرُ مُبَاحًا أَوْ مُجْزِئًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي
الْأَحْوَصِ مَا لَمْ يَكُنْ سِنٌّ أَوْ ظُفُرٌ وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ
عُبَيْدٍ غَيْرُ السِّنِّ وَالظُّفُرِ وَفِي رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ عِيسَى إِلَّا
سِنًّا أَوْ ظُفُرًا." اهـ
[4] وفي فتح الباري لابن حجر (9/ 629) :
"قَوْلُهُ
وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ أَيْ وَهُمْ كُفَّارٌ وَقَدْ نُهِيتُمْ
عَنِ التَّشَبُّهِ بهم قَالَه بن الصَّلَاحِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَقِيلَ
نَهَى عَنْهُمَا لِأَنَّ الذَّبْحَ بِهِمَا تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ وَلَا يَقَعُ
بِهِ غَالِبًا إِلَّا الْخَنْقُ الَّذِي لَيْسَ هُوَ عَلَى صُورَةِ الذَّبْحِ
وَقَدْ قَالُوا إِنَّ الْحَبَشَةَ تُدْمِي مَذَابِحَ الشَّاةِ بِالظُّفُرِ حَتَّى
تَزْهَقَ نَفْسُهَا خَنْقًا وَاعْتُرِضَ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ
لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَامْتَنَعَ الذَّبْحُ بِالسِّكِّينِ وَسَائِرِ مَا يَذْبَحُ
بِهِ الْكُفَّارُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الذَّبْحَ بِالسِّكِّينِ هُوَ الْأَصْلُ
وَأَمَّا مَا يَلْتَحِقُ بِهَا فَهُوَ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّشْبِيهُ
لِضَعْفِهَا وَمِنْ ثَمَّ كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنْ جَوَازِ الذَّبْحِ بِغَيْرِ
السِّكِّينِ وَشَبَهِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَاضِحًا ثُمَّ وَجَدْتُ فِي
الْمَعْرِفَةِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنِ الشَّافِعِيِّ
أَنَّهُ حَمَلَ الظُّفُرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى النَّوْعِ الَّذِي يَدْخُلُ
فِي الْبَخُورِ فَقَالَ مَعْقُولٌ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ السِّنَّ إِنَّمَا
يُذَكَّى بِهَا إِذَا كَانَتْ مُنْتَزَعَةً فَأَمَّا وَهِيَ ثَابِتَةٌ فَلَوْ
ذُبِحَ بِهَا لَكَانَتْ مُنْخَنِقَةً يَعْنِي فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ
بِالسِّنِّ السِّنُّ الْمُنْتَزَعَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا نُقِلَ عَنِ
الْحَنَفِيَّةِ مِنْ جَوَازِهِ بِالسِّنِّ الْمُنْفَصِلَةِ قَالَ وَأَمَّا
الظُّفُرُ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ ظُفُرَ الْإِنْسَانِ لَقَالَ فِيهِ مَا
قَالَ فِي السِّنِّ لَكِنِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الظُّفُرَ الَّذِي
هُوَ طِيبٌ مِنْ بِلَادِ الْحَبَشَةِ وَهُوَ لَا يَفْرِي فَيَكُونُ فِي مَعْنَى
الْخَنْق." اهـ
[5] وفي فتح الباري لابن حجر
(9/ 627)
"قَوْلُهُ
«أَوَابِدُ» : جَمْعُ (آبِدَةٍ) بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ:
غَرِيبَةٌ.
يُقَالُ: (جَاءَ فُلَانٌ بِآبِدَةٍ)، أَيْ
بِكَلِمَةٍ أَوْ فَعْلَةٍ مُنَفِّرَةٍ. يُقَالُ: (أَبَدَتْ) بِفَتْحِ
الْمُوَحَّدَةِ (تَأْبُدُ) بِضَمِّهَا وَيَجُوزُ الْكَسْرُ (أُبُودًا). وَيُقَالُ:
(تَأَبَّدَتْ)، أَيْ: تَوَحَّشَتْ. وَالْمُرَادُ: أَنَّ لَهَا تَوَحُّشًا."
اهـ
[6] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ، وَلَا
بِالْعِظَامِ، فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ» وأخرج مسلم (450)
(150)، والترمذي (18)، والنسائي في "الكبرى" (39)
وصححه الألباني في تخريج مشكاة
المصابيح (1/ 113) (رقم :350)
Komentar
Posting Komentar