باب التوبة والحديث 13 من رياض الصالحين

 

شرح الأستاذ عبد القادر البوجيسي 


ثم قال المؤلف _رحمه الله_ :

 

وَقالَ تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} [التحريم: 8}[1]

 

 

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/ 315) لابن القيم :

"فَإِنَّ الْمُذْنِبَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَكِبَ طَرِيقًا تُؤَدِّيهِ إِلَى هَلَاكِهِ، وَلَا تَوَصِّلُهُ إِلَى الْمَقْصُودِ، فَهُوَ مَأْمُورٌ أَنْ يُوَلِّيَهَا ظَهْرَهُ، وَيَرْجِعَ إِلَى الطَّرِيقِ الَّتِي فِيهَا نَجَاتُهُ، وَالَّتِي تُوصِلُهُ إِلَى مَقْصُودِهِ، وَفِيهَا فَلَاحُهُ.

فَهَاهُنَا أَمْرَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا: مُفَارَقَةُ شَيْءٍ، وَالرُّجُوعُ إِلَى غَيْرِهِ، فَخُصَّتِ التَّوْبَةُ بِالرُّجُوعِ، وَالِاسْتِغْفَارُ بِالْمُفَارَقَةِ، وَعِنْدَ إِفْرَادِ أَحَدِهِمَا يَتَنَاوَلُ الْأَمْرَيْنِ،

وَلِهَذَا جَاءَ _وَاللَّهُ أَعْلَمُ_ الْأَمْرُ بِهِمَا مُرَتَّبًا بِقَوْلِهِ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: 3]،

فَإِنَّهُ الرُّجُوعُ إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْبَاطِلِ.

وَأَيْضًا فَالِاسْتِغْفَارُ مِنْ بَابِ إِزَالَةِ الضَّرَرِ، وَالتَّوْبَةُ طَلَبُ جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ،

فَالْمَغْفِرَةُ أَنْ يَقِيَهُ شَرَّ الذَّنْبِ، وَالتَّوْبَةُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ بَعْدَ هَذِهِ الْوِقَايَةِ مَا يُحِبُّهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَسْتَلْزِمُ الْآخَرَ عِنْدَ إِفْرَادِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 79) :

"والتوبة فرض من الله تعالى على كل من علم من نفسه ذنبًا صغيرًا أو كبيرًا؛ لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا) [التحريم: 8]،

وقال : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31]." اهـ

 

التبصرة لابن الجوزي (1/ 34) :

"إِخْوَانِي، الذُّنُوبُ تُغَطِّي عَلَى الْقُلُوبِ، فَإِذَا أَظْلَمَتْ مِرْآةُ الْقَلْبِ لم يبن فيها وَجْهُ الْهُدَى، وَمَنْ عَلِمَ ضَرَرَ الذَّنْبِ اسْتَشْعَرَ النَّدَمَ.

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ[2] _رَحِمَهُ اللَّهُ_ : " مِنَ الاغْتِرَارِ أَنْ تُسِيءَ فَيُحْسَنَ إِلَيْكَ فَتَتْرُكَ التوبة توهما أنك تسامح في الهفوات "!.

فوا عجبا لِمَنْ يَأْمَنُ وَكَمْ قَدْ أُخِذَ آمِنٌ مِنْ مَأْمَنٍ، وَمَنْ تَفَكَّرَ فِي الذُّنُوبِ عَلِمَ أَنَّ لَذَّاتِ الأَوْزَارِ زَالَتْ وَالْمَعَاصِيَ بِالْعَاصِي إِلَى النَّارِ آلَتْ، وَرُبَّ سَخَطٍ قَارَنَ ذَنْبًا فَأَوْجَبَ بُعْدًا وَأَطَالَ عُتْبًا، وَرُبَّمَا بُغِتَ الْعَاصِي بِأَجَلِهِ وَلَمْ يَبْلُغْ بَعْضَ أَمَلِهِ، وَكَمْ خَيْرٍ فَاتَهُ بِآفَاتِهِ، وَكَمْ بَلِيَّةٍ فِي طَيِّ جِنَايَاتِهِ." اهـ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1611) للقاري :

"«يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ» ) :

الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31] وَفِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَشَاهِدٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ فِي مَقَامِهِ وَحَالِهِ يَحْتَاجُ إِلَى الرُّجُوعِ لِتَرْقِيَةِ كَمَالِهِ، وَأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مُقَصِّرٌ فِي الْقِيَامِ بِحَقِّ عُبُودِيَّتِهِ كَمَا قَضَاهُ وَقَدَّرَهُ. قَالَ تَعَالَى: {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} [عبس: 23] وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: (فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْهِ)." اهـ

 

زاد المسير في علم التفسير (4/ 311) لابن الجوزي:

"وقال عمر بن الخطاب: «التوبة النصوح: أن يتوب العبد من الذنب، وهو يحدِّث نفسه أنَّه لا يعود».

وسئل الحسن البصري عن التوبة النصوح، فقال: «ندم بالقلب، واستغفار باللسان، وترك بالجوارح، وإضمار أن لا يعود»." اهـ


شرح حديث لبيك اللهم لبيك (ص: 131) لابن رجب الحنبلي :

"فَمن حصل لَهُ فِي الدُّنْيَا التَّوْبَة، وَفِي الْآخِرَة الْمَغْفِرَة، فقد ظفِر بسعادة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة." اهـ

 

=========================================

 

[13] وعن أبي هريرةَ[3] - رضي الله عنه – قَالَ :

سمعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم – يقول :

«والله إنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله وأَتُوبُ إِلَيْه [4]في اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً[5]» . رواه البخاري.

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في صحيحه (8/ 67) (رقم : 6307)، والترمذي في سننه (5/ 383) (رقم : 3259)، وأحمد في مسنده (14/ 191) (رقم : 8493)

 

شرح الحديث :

 

وفي رواية أبي داود في سننه (2/ 85) (رقم : 1516) والترمذي في سننه (5/ 494) (رقم : 3434)، وابن ماجه في سننه (2/ 1253) (رقم : 3814) : عَنِ ابْنِ عُمَرَ _رضي الله عنهما_، قَالَ :

"إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»."

صححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (2/ 268) (رقم : 923)

 

من فوائد الحديث :

 

&      فتح الباري لابن حجر - (18 / 62) :

"وَقَدْ اسْتَشْكَلَ وُقُوع الِاسْتِغْفَار مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَعْصُوم، وَالِاسْتِغْفَار يَسْتَدْعِي وُقُوع مَعْصِيَة.

وَأُجِيبَ بِعِدَّةِ أَجْوِبَة :

* مِنْهَا : مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِير الْغَيْن ، وَمِنْهَا قَوْل اِبْن الْجَوْزِيّ : هَفَوَات الطِّبَاع الْبَشَرِيَّة لَا يَسْلَم مِنْهَا أَحَد ، وَالْأَنْبِيَاء وَإِنْ عُصِمُوا مِنْ الْكَبَائِر فَلَمْ يُعْصَمُوا مِنْ الصَّغَائِر .

كَذَا قَالَ ، وَهُوَ مُفَرَّع عَلَى خِلَاف الْمُخْتَار ، وَالرَّاجِح عِصْمَتهمْ مِنْ الصَّغَائِر أَيْضًا.

* وَمِنْهَا قَوْل اِبْن بَطَّال : الْأَنْبِيَاء أَشَدّ النَّاس اِجْتِهَادًا فِي الْعِبَادَة لِمَا أَعْطَاهُمْ اللَّه تَعَالَى مِنْ الْمَعْرِفَة ، فَهُمْ دَائِبُونَ فِي شُكْره مُعْتَرِفُونَ لَهُ بِالتَّقْصِيرِ اِنْتَهَى . وَمُحَصَّل جَوَابه أَنَّ الِاسْتِغْفَار مِنْ التَّقْصِير فِي أَدَاء الْحَقّ الَّذِي يَجِب لِلَّهِ تَعَالَى ،

* وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون لِاشْتِغَالِهِ بِالْأُمُورِ الْمُبَاحَة مِنْ أَكْل أَوْ شُرْب أَوْ جِمَاع أَوْ نَوْم أَوْ رَاحَة ، أَوْ لِمُخَاطَبَةِ النَّاس وَالنَّظَر فِي مَصَالِحهمْ ، وَمُحَارَبَة عَدُوّهُمْ تَارَة وَمُدَارَاته أُخْرَى ، وَتَأْلِيف الْمُؤَلَّفَة وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَحْجُبهُ عَنْ الِاشْتِغَال بِذِكْرِ اللَّه وَالتَّضَرُّع إِلَيْهِ وَمُشَاهَدَته وَمُرَاقَبَته ، فَيَرَى ذَلِكَ ذَنْبًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَقَام الْعَلِيّ وَهُوَ الْحُضُور فِي حَظِيرَة الْقُدْس .

* وَمِنْهَا : أَنَّ اِسْتِغْفَاره تَشْرِيع لِأُمَّتِهِ ، أَوْ مِنْ ذُنُوب الْأُمَّة فَهُوَ كَالشَّفَاعَةِ لَهُمْ . وَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي "الْإِحْيَاء" : "كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِم التَّرَقِّي، فَإِذَا اِرْتَقَى إِلَى حَال رَأَى مَا قَبْلهَا دُونهَا فَاسْتَغْفَرَ مِنْ الْحَالَة السَّابِقَة ، وَهَذَا مُفَرَّع عَلَى أَنَّ الْعَدَد الْمَذْكُور فِي اِسْتِغْفَاره كَانَ مُفَرَّقًا بِحَسَبِ تَعَدُّد الْأَحْوَال، وَظَاهِر أَلْفَاظ الْحَدِيث يُخَالِف ذَلِكَ .

وَقَالَ الشَّيْخ السُّهْرَوَرْدِيّ : لَمَّا كَانَ رُوح النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ فِي التَّرَقِّي إِلَى مَقَامَات الْقُرْب يَسْتَتْبِع الْقَلْب ، وَالْقَلْب يَسْتَتْبِع النَّفْس،

وَلَا رَيْب أَنَّ حَرَكَة الرُّوح وَالْقَلْب أَسْرَع مِنْ نَهْضَة النَّفْس فَكَانَتْ خُطَا النَّفْس تَقْصُر عَنْ مَدَاهُمَا فِي الْعُرُوج ، فَاقْتَضَتْ الْحِكْمَة إِبْطَاء حَرَكَة الْقَلْب لِئَلَّا تَنْقَطِع عَلَاقَة النَّفْس عَنْهُ، فَيَبْقَى الْعِبَاد مَحْرُومِينَ، فَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْزَع إِلَى الِاسْتِغْفَار لِقُصُورِ النَّفْس عَنْ شَأْو تَرَقِّي الْقَلْب ، وَاَللَّه أَعْلَم ." اهـ

 

&      التحبير شرح التحرير - (3 / 1453) للمَرْدَاوِيّ[6] :

"قال ابن عطية : ( وقوله : "إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم  سبعين مرة" ،

إنما هو رجوعه من حالة إلى أرفع منها ، لتزيد  علومه ، واطلاعه على أمر الله ، فهو يتوب من المنزلة الأولى إلى الأخرى ،  والتوبة هنا لغوية ) انتهى." اهـ

 

&      تطريز رياض الصالحين (ص: 20) للشيخ فيصل آل مبارك الحريملي :

"في هذا الحديث : تحريض للأمة على التوبة والاستغفار.

قال ابن بطال : الأنبياء أشد الناس اجتهادًا في العبادة، لما أعطاهم الله تعالى من المعرفة، فهم دائبون في شكره، معترفون له بالتقصير.[7]

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 1069) :

"فيه : تحريض على التوبة، والاستغفار." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 78)

وكان ابن عمر كثيرًا ما يقول: الحمد لله وأستغفر الله، فقيل له فى ذلك، فقال: إنما هى نعمة فأحمد الله عليها أو خطيئة فأستغفر الله منها.

وقال عمر بن عبد العزيز: رأيت أبى فى النوم كأنه فى بستان فقلت له: أى عملك وجدت أفضل؟ قال: الاستغفار.

وروى أبو عثمان عن سلمان قال :

إذا كان العبد يدعو الله فى الرخاء، فنزل به البلاء فدعا، قالت الملائكة: صوت معروف من امرئ ضعيف. فيشفعون له، وإذا كان لا يكثر من الدعاء فى الرخاء، فنزل به البلاء فدعا، فقالت الملائكة : صوت منكر من امرئ ضعيف، فلا يشفعون له." اهـ[8]

 

&      جامع العلوم والحكم - (1 / 397) لابن رجب :

"قال أبو المنهال : "ما جاور عبد في قبره من جار أحب إليه من استغفار كثير،

 وبالجملة : فدواء الذنوب الاستغفار." اهـ

 

&      جامع العلوم والحكم - (1 / 397) :

"قتادة : إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم فأما داؤكم فالذنوب وأما دواؤكم فالاستغفار." اهـ

 

&      التحفة العراقية في الأعمال القلبية - (1 / 41_42) :

"فَالْعَبْدُ دَائِمًا بَيْنَ نِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى شُكْرٍ وَذَنْبٍ مِنْهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الِاسْتِغْفَارِ وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ مِنْ الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ لِلْعَبْدِ دَائِمًا فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ يَتَقَلَّبُ فِي نِعَمِ اللَّهِ وَآلَائِهِ وَلَا يَزَالُ مُحْتَاجًا إلَى التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ .

وَلِهَذَا كَانَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، ___وَلِهَذَا شُرِعَ الِاسْتِغْفَارُ فِي خَوَاتِيمِ الْأَعْمَالِ." اهـ

 

&      الفتاوى الكبرى - (5 / 266) لابن تيمية :

"وإذا عرف أن الاعتبار بكمال النهاية، وهذا الكمال إنما يحصل بالتوبة والاستغفار ولا بد لكل عبد من التوبة وهو واجبة على الأولين والآخرين." اهـ

 



[1] وفي مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/ 316) لابن القيم :

"فَالنُّصْحُ فِي التَّوْبَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْمَشُورَةِ تَخْلِيصُهَا مِنْ كُلِّ غِشٍّ وَنَقْصٍ وَفَسَادٍ، وَإِيقَاعُهَا عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ، وَالنُّصْحُ ضِدُّ الْغِشِّ.

وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ السَّلَفِ عَنْهَا، وَمَرْجِعُهَا إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ أَنْ يَتُوبَ مِنَ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا يَعُودَ إِلَيْهِ، كَمَا لَا يَعُودُ اللَّبَنُ إِلَى الضِّرْعِ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: هِيَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ نَادِمًا عَلَى مَا مَضَى، مُجْمِعًا عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ فِيهِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: أَنْ يَسْتَغْفِرَ بِاللِّسَانِ، وَيَنْدَمَ بِالْقَلْبِ، وَيُمْسِكَ بِالْبَدَنِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: تَوْبَةً نَصُوحًا، تَنْصَحُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ، جَعَلَهَا بِمَعْنَى نَاصِحَةٍ لِلتَّائِبِ، كَضَرُوبِ الْمَعْدُولِ عَنْ ضَارِبٍ." اهـ

[2] وفي اللباب في تهذيب الأنساب (2/ 41) لابن الأثير : "الرُّوذَبَارِي (بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو والذال الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف رَاء) هَذَا يُقَال لمواضع عِنْد الْأَنْهَار الْكِبَار، يُقَال لَهَا : (الروذبار)، وَهِي مَوضِع عِنْد طوس ينْسب إِلَيْهَا أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ الرُّوذَبَارِي الطوسي كَانَت لَهُ رحْلَة فِي طلب الحَدِيث سمع من ابْن داسة التمار الْبَصْرِيّ سنَن أبي دَاوُد." اهـ

[3] ترجمة أبي هريرة الدوسي :

اختلف فِي اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، فقيل: اسمه عبد الرحمن بْن صخر بن  ذي الشري بْن طريف بْن عيان بْن أَبي صعب بْن هنية بْن سعد ابن ثعلبة بْن سليم بْن فهم بْن غنم بْن دوس بْن عدثان بن عَبد الله بن زهران بن كعب بن الْحَارِثِ بْن كعب بْن عَبد اللَّهِ بن مالك ابن نصر بْن الأزد.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 366_367) للمزي :

"ويُقال: كَانَ اسمه فِي الجاهلية عبد شمس وكنيته أبو الأسود...وروي عَنْهُ أنه قال، إنما كنيت بأبي هُرَيْرة أني وجدت أولاد هرة وحشية فحملتها فِي كمي، فقيل: ما هَذِهِ؟ فقلت: هرة، قِيلَ فأنت أَبُو هُرَيْرة." اهـ

وذكر أَبُو القاسم الطبراني أن اسم أمه ميمونة بنت صبيح.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 377) : "وَقَال عَمْرو بْن علي: نزل المدينة، وكان مقدمه وإسلامه عام خيبر، وكانت خيبر فِي المحرم سنة سبع."اهـ

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 378)

قال سفيان بْن عُيَيْنَة، عن هشام بْن عروة: مات أَبُو هُرَيْرة، وعائشة سنة سبع وخمسين.

وَقَال أَبُو الحسن المدائني، وعلي ابن المديني، ويحيى بْن بكير، وخليفة بْن خياط، وعَمْرو بْن علي: مات أَبُو هُرَيْرة سنة سبع وخمسين.

وفي تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 561) للذهبي :

"قَالَ الْبُخَارِيُّ : رَوَى عَنْهُ: ثمان مائة رَجُلٌ أَوْ أكثر.

قلت: روي لَهُ نَحْو من خمسة آلاف حديث وثلاث مائة وسبعين حديثًا (5370). في الصحيحين منها ثلاث مائة وخمسة وعشرون حديثًا (325)، وانفرد الْبُخَارِيُّ أيضًا لَهُ بثلاثة وتسعين (93)، ومسلم بمائة وتسعين (190)." اهـ

[4] وفي فتح الباري- تعليق ابن باز - (11 / 101) :

"قوله : (لأستغفر الله وأتوب إليه)، ظاهره : أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة، ويحتمل : أن يكون المراد يقول هذا اللفظ بعينه،

ويرجح الثاني : ما أخرجه النسائي بسند جيد من طريق مجاهد عن ابن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه في المجلس قبل أن يقوم مائة مرة"

وله من رواية محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر بلفظ : "إنا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور، مائة مرة" دت." اهـ [د (1516) – سك (10219)]

[5] وفي فتح الباري- تعليق ابن باز - (11 / 101)  : "قوله : (أكثر من سبعين مرة)، وقع في حديث أنس : "إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة"، فيحتمل : أن يريد المبالغة، ويحتمل : أن يريد العدد بعينه." اهـ

[6] وفي "ذيل لب اللباب في تحرير الأنساب" (ص: 217) شهاب الدين العجمي الشافعيّ الوفائي المصري الأزهري (المتوفى: 1086هـ) _رحمه الله_ : "المَرْدَاوي (بفتح الميم، وسكون الراء، وفتح الدال المهملة) : نسبة إلى مَرْدَا _على وزن فَعْلَى مقصوراً_ قرية قرب نابلس ينسب إليها أبو الحسن علي بن سليمان إمام الفقهاء الحنابلة مؤلف «التنقيح» ومؤلف «الإنصاف» وهو شرح «مُقْنِع» ابن قدامة." اهـ

[7] وفي شرح صحيح البخارى لابن بطال (10/ 77) :

"أولى العباد بالاجتهاد فى العبادة الأنبياء، عليهم السلام، لما حباهم الله به من معرفته، فهم دائبون فى شكر ربهم معترفون له بالتقصير لا يدلون عليه بالأعمال، مستكينون خاشعون،

روى عن مكحول عن أبى هريرة قال: (ما رأيت أحدًا أكثر استغفارًا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) . وقال مكحول: ما رأيت أكثر استغفارًا من أبى هريرة. وكان مكحول كثير الاستغفار. وقال أنس: أمرنا أن نستغفر بالأسحار سبعين مرة. وروى أبو إسحاق عن مجاهد، عن ابن عمر قال: (كنت مع النبى (صلى الله عليه وسلم) فسمعته يقول: أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه مائة مرة قبل أن يقوم)." اهـ

[8] وفي سنن الترمذي ت بشار (5/ 324) (رقم : 3382) :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالكَرْبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ."

وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (2/ 140) (رقم : 593)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

فضائل عشر ذي الحجة